خريجو الكليات الشرعية والدور المفقود في المجتمع !

لرياض: د. عقيل العقيل
لا شك أن نشر العلم الشرعي وبذله للناس من أشرف الأعمال وأزكاها والسعي في إصلاح المجتمع وإزالة أسباب الفساد منه هو عمل مبارك عظيم وأن أولى الناس بذلك طلاب العلم من واقع ما آتاهم الله من فضل وشرفهم به من حمل ميراث محمد صلى الله عليه وسلم، ألا وهو العلم وهناك عدد من الكليات الشرعية أنشئت في مناطق نائية وعليها واجب نشر العلم والسعي في إصلاح المجتمع في تلك المناطق النائية.
حول دور هذه الكليات الشرعية في نشر العلم وأثرها في إصلاح المجتمع في المناطق النائية تحدث للدعوة مجموعة من المشايخ.

دورات شرعية
بداية تحدث الشيخ د. نهار بن عبدالرحمن العتيبي عضو الجمعية الفقهية:: فقال: حظيت كثير من مناطق ومحافظات المملكة بافتتاح العديد من الجامعات والكليات في مختلف التخصصات وكان ذلك بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – الراعي الأول للتعليم، وكان من ضمن هذه الكليات أقسام شرعية أو كليات شرعية في هذه الجامعات ينتظر أن تؤدي دوراً مهماً في بيان العلوم الشرعية التي يحتاج إليها أفراد مجتمعنا رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً ولا سيما تعليم فروض الإسلام وواجباته هو من الأمور الواجبة التي يحتاج إلى معرفتها الجميع بدون استثناء، فكان المؤمل من هذه الكليات الشرعية أن يكون بينها وبين المجتمع تواصل أسوة ببقية الكليات التي يوجد بها أقسام لخدمة المجتمع تقدم من خلالها العديد من البرامج التي يستفيد منها المواطنون في مختلف التخصصات الحياتية.
ويمكن لهذه الكليات الشرعية أن تقيم دورات شرعية لتعليم أمور الدين أو تنظيم لقاءات وكلمات مختلفة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أو وزارة التربية والتعليم أو غيرها من الوزارات والمصالح الحكومية ويكون لتلك الكليات مساهمة مباشرة في خدمة المجتمع وتعليم أمور الدين والتحذير من الأفكار الهدامة والأفعال الضالة وبالتالي تساهم في حفظ مجتمعنا من الأفكار الدخيلة وبيان الدين الإسلامي الصحيح الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الرسول الكريم الذي قال عنه ربه عزَّ وجلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107]. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

محاربة البدع والشبهات
ثم تحدث الشيخ حمود بن محسن الدعجاني عضو الجمعية الفقهية السعودية إمام مسجد الصرامي بالرياض فقال: إن الحاجة ماسة وداعية لافتتاح الكليات الشرعية في المحافظات والمناطق النائية لما لها من دور في إصلاح الشباب ونشر العلم الشرعي المستمد من الكتاب والسنة ثم إن البلاد ما زالت بحاجة للقضاة والمفتين والدعاة والمستشارين الشرعيين، والعلم الشرعي من أعظم ما تحارب به البدع والشبهات والأفكار الهدامة كما قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [الفرقان: 33]. فكل ما يأتي به أهل الباطل من شبه يكشفه العلم النافع، فلا شك إن افتتاح الكليات الشرعية مما تمس الحاجة إليه لما يحقق من مصالح عظيمة للعباد والبلاد ولما يدرأ عنا من شرور عظيمة بسبب نقص العلم وفشو الجهل وكثرة دعاة الباطل، حفظ الله دعاتنا من شر الأشرار وكيد الفجار.

إصلاح المجتمع
ثم تحدث الشيخ باسم بن محمد السبعي الداعية المعروف فقال: في هذا العصر وفي هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله ورعاه – يجد التعليم العالي اهتماماً بالغاً، وتجد الكليات الشرعية توسعاً مشهوداً.
يتجلى هذا واضحاً في افتتاح عدد من الكليات الشرعية في كثير من الجامعات الناشئة في مناطق المملكة، مما لا يدع عذراً لمنسوبي تلك الكليات في توجيه الناس وتثقيفهم والقيام بدورهم في الدعوة إلى الله تعالى على علم وبصيرة، على منهج الوسطية والاعتدال بعيداً عن التطرف والغلو المذمومين.
ولا ريب أن دور منسوبي الكليات الشرعية في مناطق المملكة وغيرها في الدعوة إلى الله في وقتنا الحاضر من أهم المطالب وأعظم المقاصد، ونحن بحاجة ماسة بل في ضرورة ملحة إلى دعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة والوعي الشامل الكامل لأحكام هذا الدين.
فدعاة الشبهات والشهوات يدعون إلى فسادهم وينشرون باطلهم على مرأى ومسمع من المسلمين.
أفيليق بمنسوبي هذه الكليات الشرعية أن يتأخروا وقد تقدم غيرهم؟ وأن يستمروا في سباتهم ونومهم وقد تنبه الآخرون؟
أيجمل بمنسوبي هذه الكليات الشرعية وهم أهل المنهج القويم والصراط المستقيم أن يتركوا المجال للجهلة والمبطلين الذين يقولون على الله ما لا يعلمون؟
لا بد لمنسوبي هذه الكليات الشرعية من الدعوة إلى الله وكل بحسبه ومقدرته ولا سيما نحن نرى أن شريعة الإسلام وأحكام القرآن قد غيرت وبدلت في الكثير من بقاع العالم اليوم، ووسائل الإعلام تبث سمومها، وتنشر باطلها، والمبتدعة ودعاة التصوف والقبوريون يجتاحون بقاع شتَّى من العالم، والعلمانيون والرافضة يبثون الشر والفساد ويدعون إلى الكفر والإلحاد.
فلا بد لكل مسلم غيور من منسوبي هذه الكليات الشرعية أن يتصدى لهذا الأمر العظيم بحسب وسعه {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } [البقرة: 286]. في المدرسة ومع الزملاء وفي المسجد وفي اجتماعات الحي ولقاءات الأسر.. الخ، ولا بد من مراعاة أحوال المدعويين والتلطف والرفق في المعاملة والإحسان وبذل المعروف قال الله عزَّ وجلَّ: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
نعم، إن الدعوة إلى سبيل الله لا لشخص الداعي ولا لقومه، فليس للداعي من دعوته إلا أنه يؤدي واجبه لله، لا فضل ليتحدث به، لا على الدعوة ولا على من يهتدون على يديه، فإنما أجره على الله، قال ابن القيم – رحمه الله – “جعل الله مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعى بطريق الحكمة، والقابل الذي عنده غفلة وتأخر يدعى بالموعظة الحسنة، وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن”أهـ. (مفتاح دار السعادة).